الأربعاء، 6 أبريل 2011

الحـســــبــة عـلـى طــالـب الـعـــلــم


الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين ، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين .

 
وبــــعــــــد :

فقد طلب مني أحد الأحبة الأفاضل في أحد مشاركاتي في (منتدى الحدث) ، أن أذكر له بعض الكتب التي أنصح بقراءتها لطالب علم مبتدأ، على أن تكون هذه النصيحة في صورة مشاركة حتى يستفيد منها الجميع ، وفي الحقيقة مع ضعف قوتي، وقلة بضاعتي، وهوان حيلتي، استحيت منه أن أرد طلبه، فعزمت على الولوج في هذا الأمر ـ مع كثرة من سبقني في ذلك ـ ، ورأيت أن أسوقها في ثنايا نصيحة عامة لطلبة العلم الشرعي، وسميتها (الحسبة على طالب العلم) ولعل الله تعالى ييسر لي استكمال سلسلة أبواب الحسبة في هذا المنتدى، فينتفع بها الجميع، وأولهم كاتبها، ومن كانت له نصيحة يبتغي بها وجه الله ، فليتقي الله ويسدها، قبل فوات الأوان، فإن من حق المسلم على المسلم بذل النصيحة.

أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وممن يصدق قوله عمله، وأن يجعلنا من المحتسبين الصادقين.
(( الحـسـبـة عـلى طـالب العـلم ))

قبل أن نلج في الموضوع أرى لزاما علي أن أُذكر أحبتي في الله بمعنى الحسبة في اللغة والإسلام، حتى يتضح البيان، ونوقظ النيام، فأقول ـ وبالله التوفيق والسداد ـ :

(( الحـسـبـة في اللـغـة )) :

أولا ـ كلمة (( الحـسـبـة )) تضبط بكسر أولها ، اسم مصدر احتسب يحتسب احتسابا وحسبة .

ثانيا ـ أصل معناها اختلف فيه على أقوال كثيرة، ولكون المقام مقام اختصار وإجمال، سأقتصر على بيان أشهرها وأقربها للمعنى الشرعي، وهو (طلب الأجر، والإنكار)، قال ابن منظور (اللسان 1/314) : الحسبة : مصدر احتسابك الأجر على الله .اهـ. وأيضا في المرجع السابق 1/317: احتسب فلان على فلان : أي أنكر عليه قبيح عمله .اهـ.

(( الحـسـبـة في الإســلام )) :

مما لا ريب فيه أن كلمة ( الحـسـبـة ) في الإسلام لها مدلولات كثيرة تختلف بحسب الإضافة، هل يقصد بها عمل ديني، أم ولاية في الدولة، أم علم مستقل له مصنفاته، وقواعده وأصوله؟! .

وطلبا للاختصار سأكتفي ببيان تعريفه بحسب كونه عملا دينيا يصح أداؤه من كل مسلم .

وعليه ، فالحسبة على هذا المعنى :
(أمر بالمعروف إذا ظهر تركه ، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله) . وهذا التعريف للماوردي في (الأحكام السلطانية ص299) وهو اختيار أكثر علماء الحسبة ، وأرجح التعاريفات عندي .

إذا تقرر ذلك ـ رحمكم الله ـ ، فللكلام على ((الحسبة على طالب العلم)) سأجعله في عناصر رئيسة يندرج تحت كل عنصر تفصيله إن احتاج لذلك :

أولا ــ (( مـــن هــو طـالـب العــلـم ..؟)) :

في البداية يجب على الجميع أن يعلم أن المقصود بالعلم (العلم الشرعي) ، والعلم الشرعي ينقسم إلى أربعة أقسام، أضعها بين يدك مختصرة:
1 ــ (( أصـــول )) ــ ولك أن تسميها (الأساسيات) ، وهي : الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، وآثار الصحابة.

2 ــ (( فــــروع )) ــ ولك أن تسميها (حواشي الأصول) ، وهي : الشروح والتفاسير للأصول السابقة.

3 ــ (( مقـدمات )) ــ ولك أن تسميها (العلوم الخادمة) وهي التي تساعد وتخدم الطالب في استيعاب الأصول والفروع السابقة، كعلم اللغة، والنحو، وأصول الفقه، والقواعد الفقهية .

4 ــ (( متـممات )) ــ ولك أن تسميها (الكماليات) ، وهي : التي تزيده تغلغلا في الجوانب الخفية للأصول، كعلم القراءات، وعلم رجال الحديث.

وهذه العلوم حث الشرع على طلبها بشكل عام ، كما في حديث أنس بن مالك مرفوعا:
((طلب العلم فريضة على كل مسلم)) رواه ابن ماجه بسند صحيح .

وبلا ريب لفظ
(مسلم) يدخل فيه أيضا (المسلمة). أما الحديث الذي فيه زيادة (ومسلمة) فهي زيادة ضعيفة ، وعموم اللفظ الأول يغني عن الضعيف.

والمقصود بـ (علم الفرض) هو : كل علم شرعي لا يسع أي مسلم جهله كـ (أصول العقيدة، وأركان الإسلام، كالصلاة، والطهارة، والصوم إذا باشره، والزكاة إذا وجبت عليه، والحج إذا شرع في نسكه).

ثانيا ــ (( كـيـفـيـة طـلب العــلم )) :

لطلب العلم وسيلتان : ( كتــــاب ، وشــــيخ )

1 ــ أما الكتـــــاب ، فهو العمود الفقري لكل طالب علم ، والوسيلة الأساسية في الطلب.

وللكتاب آداب يجب على طالب العلم الإحاطة بها، ولضيق المقام، سأصفح عن بيانها، ومن وجد في نفسه الهمة في معرفتها فليراجع (حلية طالب العلم) للعلامة بكر أبو زيد، و(فضل العلم) لمحمد رسلان ففيهما الكفاية.

2 ــ وأما الشــــيـخ ، وما أدراك ما الشيخ؟!! فهو كالماء البارد للظمآن، وطوق النجاة للغرقان. ولا يصح طلب علم بدونه، وقديما قيل : (من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه).

غير أنه يمكن لطالب العلم في المرتبة الثالثة (المحترف) أن يعتمد على نفسه في التلقي من الكتاب ؛ لأنه في نظري امتلك مفاتيح العلوم الأساسية، ومن الأفضل لو كان له أحد المشايخ يوده بصورة مستمرة يستشيره ويستوضحه فيما أشكل عليه ـ والله أعلم ـ .

وينبغي لطالب العلم أن يختار من الشيوخ الأعلم والأورع والأسن ؛ لأنه كما قال ابن سيرين ومالك وغيرهما : (إن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذوا دينكم).

وللطالب آداب حسان مع شيخه يجب الالتزام بها. وستجدها في الكتابين السابقين .

ثالثا ــ (( مـراتـــب طــلب العــلم )) :

ولعل هذا العنصر هو المراد بالكتابة ، وقد حان بين يديك بيانه :

لقد تأملت حال طلاب العلم ومستوياتهم العامة ، وتدرجهم في الطلب والتلقي ، فتحصل عندي بالاستقراء ثلاث مراتب أساسية، ولكل مرتبة مكتبتها الخاصة المناسبة لحالهم، وقد وضعت لكل مرتبة ما يناسبها من عنوان أو أكثر، وهذا الترتيب من وضعي الخاص، حسب خبرتي ومعرفتي الشخصية بهذا الميدان، بلا ريب قد تختلف وجهات النظر في التقديم والتأخير ، أو في الزيادة والنقصان، ولكني فيما أعتقد أن من التزم بالقائمة المذكورة ووعاها جيدا أضمن له التفوق العلمي ـ إن شاء الله ـ في أكثر علوم الشريعة ، وإليك تفصيلها بتوفيق المنان:

الأولى ــ (( مرتـــــبـة البــــدء )) :

وهي أول مرحلة لمن عزم على الطلب، ولا دخل لها بسن طالب العلم، فكم من عالم بدأ في طلب العلم وقد بلغ من العمر عتيا ، واشتعل الرأس شيبا ، فلا يكون تقدم السن لك عائقا ، فيكون الشيطان لك مثبطا . وإن كان التعلم في الصغر كالنقش في الحجر.

ولهذه المرتبة مجموعة من المراجع إذا ختمها الطالب قراءة ، واسترشد بشيخ حاذق في تجرعها، فوعها قلبه ، وأسكنها فؤاده، انتقل بعد ذلك إلى المرتبة الثانية على الرحب والسعة، بعد أن صارت أبواب العلم له مشرعة.

وقد رأيت التدرج في العلوم كما يتدرج في الكتب ، وهذه الكتب رتبتها لك تبعا لفنها كما يلي :

(( العـــقــيــــــدة )) :
1 ــ ( فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ) لعبد الرحمن النجدي .
2 ــ ( العـقـيـدة الواسـطية ) لابن تيمية .
3 ــ ( الحموية الكبرى ) لابن تيمية .

(( التـفـســيـر )) :
1 ــ ( زبــدة التـفـــســيـر ) لمحمد بن سليمان الأشقر .
2 ــ ( تفسـيـر السعـدي ) ، والمسمى ( تيسير كريم الرحمن ) لعبد الرحمن السعدي .

(( الحـديـــــــــث )) :
ـ ( تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ) لعبد الله آل بسام .

(( الـفــــــقــــــه )) :
1 ـ ( الواضح في فقه الإمام أحمد ) للدكتور علي أبو الخير .
2 ــ ( الروضة النـدية شرح الدرر البهية ) لصديق حسن خان .

(( النــحـــــــو )) :
ـ ( التحفة السنية بشرح المقدمة الأجرومية ) لمحمد محي الدين عبد الحميد .

(( الســـــيـــرة )) :
ـ ( مختصر السيرة ) لمحمد بن عبد الوهاب .

(( الرقـــائــــــــق )) :
ـ ( تهذيب موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين ) لجمال الدين القاسمي .

(( آداب طــلب العـــلم )) :
1 ــ ( حلية طالب العلم ) لبكر أبو زيد .
2 ــ ( ثـقـافـة الداعـيـة ) ليوسف القرضاوي .

الثـانــيـة ــ (( مـرتـبــــة النـضــج )) :

(( العــقــيــــدة )) :
1 ــ ( سلسلة عمر الأشقر في العقيدة ) 1 ــ 7 .
2 ــ ( شـرح العقيدة الطحاوية ) لابن أبي العز الحنفي ، تحقيق التركي ، والأرناؤوط.
3 ــ ( العلو للعلي الغفار ) للذهبي .
4 ــ ( حجة الله البالغة ) للدهلوي .

(( التـفـســـيــر )) :
ـ ( تفسير ابن كثير ) لابن كثير .

(( الحـديــــث )) :
1 ــ ( سبل السلام شرح بلوغ المرام ) للأمير الصنعاني .
2 ــ ( نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار ) للشوكاني .

(( فـقـه مقــارن )) :
1 ــ ( بداية المجتهد ) لابن لاشد القرطبي .
2 ــ ( السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار ) للشوكاني .

(( النـحــــــو )) :
ـ ( القواعد الأساسية للغة العربية ) للسيد أحمد الهاشمي .

(( الســـيــرة )) :
ـ ( زاد المعاد في هدي خير العباد ) لابن قيم الجوزية .

(( الرقـائـــق )) :
ـ ( موارد الظمآن لدروس الزمان ) لعبد العزيز السلمان .

(( أصـــول الفـقــه )) :
1 ــ ( إمتاع العقول ) لعبد القادر شيبة الحمد .
2 ــ ( مذكرة أصول الفقه ) لمحمد أمين الشنقيطي .

(( أصـول التـفـســــيـر )) :
ـ ( مقدمة في التفسير ) لابن تيمية .

(( مـصـطـلـح )) :
ـ ( تيسير مصطلح الحديث ) لمحمود الطحان .

(( التــــاريـخ )) :
1 ــ ( المقدمة ) لابن خالدون المغربي .
2 ــ ( تاريخ الخلفاء ) للسيوطي .

(( الـــدعـــــوة )) :
ـ ( هداية المرشدين ) لعلي محفوظ .

(( فـــرائــــض )) :
ـ ( الرائد في علم الفرائض ) لمحمد عيد الخضراوي .

(( الآداب الشــرعيــة )) :
ـ ( الآداب الشرعية والمنح المرعية ) لابن مفلح المقدسي .

الثـالثـة ــ (( مرتـــبــة الاحتـــراف )) :

(( العـــقـــيـــــدة )) :
1 ــ ( الأجوبة المرضية لتقريب التدمرية ) لبلال طبري .
2 ــ ( إيثار الحق على الخلق ) لابن الوزير اليماني .
3 ــ ( الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ) لابن قيم الجوزية .

(( التــــفـــســــيــر )) :
ـ ( تفسير القرطبي ) والمسمى ( الجامع لأحكام القرآن ) لمحمد الأنصاري القرطبي .

(( الحــديـــــــث )) :
ـ ( فتح الباري شرح صحيح الباري ) لابن حجر العسقلاني .

(( فـــقـــه مــقـــارن )) :
1 ــ ( المحلى ) لابن حزم الظاهري .
2 ــ ( المغني ) لابن قدامة المقدسي .

(( النــــحــــــو )) :
ـ ( أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ) لابن هشام الأنصاري .

(( الـســـــــيـــرة )) :
1 ــ ( السيرة النبوية ) لابن هشام .
2 ــ ( فقه السيرة ) لمنير الغضبان .

(( الــرقـــــائـــق )) :
ـ ( إحياء علوم الدين ) للغزالي .

(( أصـــول الـــفــقـــه )) :
ـ ( إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول ) للشوكاني .

(( أصـــول التــفـــســـيـــر )) :
1 ــ ( دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ) لمحمد أمين الشنقيطي .
2 ــ ( الإتقان في علوم القرآن ) للسيوطي .

(( مــصــطـــلـــح )) :
ـ ( تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي ) للسيوطي .

(( التـــــاريـــــخ )) :
ـ ( البداية والنهاية ) لابن كثير .

(( الــدعــــــــوة )) :
ـ ( فقه الدعوة إلى الله وفقه النصح والإرشاد ) لعبد الرحمن حبنكة الميداني .

(( الفـــرائــــض )) :
ـ ( كشف الغوامض من أحكام علم الفرائض ) لبلال طبري .

(( أدب )) :
ـ ( عيون الأخبار ) لابن قتيبة .

(( الحــــســــبـــة )) :
1 ــ ( معالم القربة في أحكام الحسبة ) لابن الإخوة .
2 ــ ( الكنز الأكبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) للدمشقي الصالحي .

(( الـقـــواعــــد الـفـقــــهــيــــة )) :
1 ــ ( شرح القواعد الفقهية ) للزرقاء .
2 ــ ( الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية ) للسيوطي .


(( البــــــــلاغـــــــــة )) :
ـ ( البلاغة الواضحة مع المفتاح ) لعلي الجارم ، ومصطفى أمين .

(( الــــفــــــــــــــرق )) :
ـ ( الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة ) عن الندوة العالمية للشباب .

(( تـــخريـــج ودراســــة الأســانــيـــد )) :
ـ ( أصول التخريج ودراسة الأسانيد ) لمحمود الطحان .

(( آداب الفـــتـــــوى )) :
1 ــ ( صفة الفتوى والمفتي والمستفتي ) لابن حمدان الحنبلي .
2 ــ ( إعلام الموقعين عن رب العالمين ) لابن قيم الجوزية .

(( مـــنـــاقــب )) :
ـ ( سير أعلام النبلاء ) للذهبي .

(( آداب الجـــدل والمنــــاظـــــرة )) :
ــ ( آداب البحث والمناظرة ) لمحمد أمين الشنقيطي .

رابعا ــ نصـــائـــح لا بـــد منـــها :

سأضع بين يديك أيها الأخ الحبيب نصائح يعلم الله أنها غالية ؛ لأنها من القلب إلى القلب ، وهي أيضا مجربة ومعروف أثرها، فعض عليها بنواجذك، ولا تدعها تفلت منك :

1 ــ تـصـحـيـح الـنـيـــة : فيا أيها الحبيب ـ ألهمك الله رشدك ـ أشدد على يدك مرات ومرات على مسألة النية ، ففي الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب مرفوعا: ((إنما الأعمال بالنيات)) ، فالله الله على النية، فرب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية.

وكما قال يحيى بن أبي كثير: تعلموا النية ، فإنها أبلغ من العمل . اهـ .

ألا أدلك على سر نكبات الأمة الإسلامية في المشرق والمغرب ؟!!!!.
إنها النية ـ والله ، وإن لم تصدق ـ فإليك الدليل :

لو صلحت نية طالب العلم عند تلقيه للعلم ، وحافظ على سلامتها حتى صار شيخا جليلا تشخص إليه الأبصار، فجهر بالحق ولم تأخذه في الله لومة لائم، وكذلك انتهج بقية العلماء نفس السبيل، فمن أين سيجد السلاطين من يفتي لهم في الدين بما لا يرضي رب العالمين؟!!. فيظهر بذلك الدين، ولا يلتبس أمره على المصلين!!!.

ولو صحت نية الحكام ، لبذلوا وسعهم في صلاح حياة الأنام، فيعم بذلك الخير والوئام، وكما قيل : لولا الوئام لهلك الأنام!!!.

واعلم ـ وفقك الله لكل خير ـ إن النية عبارة عن المحرك والباعث الحقيقي الكامن بين وجدانك ، فلا يطلع عليه غيرك.

فمثلا أنت الآن تريد أن تطلب العلم ، فما الذي دفعك إلى ذلك ؟!! هل لطلب مكانة اجتماعية ؟ .

هل من أجل أن يقول الناس عنك : والله هذا الرجل طالب علم ممتاز؟ .

أم لأجل النجاح في الجامعة ؟ .

أم من أجل شهادة ماجستير أو دكتوراه لكي تضعها في برواز في غرفة الصالون حتى يراها الداخل والخارج ؟!! .

أم من أجل أن يقولوا : الدكتور راح والدكتور جاء ؟! .

أو لمنافسة الأقران والأصدقاء والأقارب...الخ إن أسباب عدم الإخلاص كثيرة جدا هل تعرف لماذا؟!!.

لأن الإخلاص شيء واحد، وما ورائه من أغراض هو عدمه، فالإخلاص يكون بأداء العمل لله، وأقرب تشبيه يحضرني في هذه العجالة نيتك في الصيام ، فهذه كهذه ، واعتذر للإطالة ففي القلب شجون وآلام . اللهم أصلح سرائرنا، واربط على أفئدتنا حتى نلقاك.

2 ــ كـــن ســـلـــفــيـــا : ولا أعني بذلك ــ سلمك الله ــ أن تكون منضويا تحت جماعة أو حركة تسمى (سلفية)!! .

فما عانيته بالسلفية : منهجا ومسلكا ، عقيدة وفكرا.

فخلاصة السلفية : الاعتصام بالكتاب ، والسنة الصحيحة ، وفق فهم سلف الأمة .

3 ــ إيـــــاك والغــــرور والكبـــريـــاء : وأكررها مرات ومرات احذر الغرور والكبرياء ، فإنه السم القاتل لطالب العلم، فوالله ما تواضع طالب العلم إلا رفع الله شأنه، وما أصاب الغرور والكبرياء طالب علم إلا أذهب الله بركة علمه، ووالله إنه مجرب في كل وقت وكل حين، فاقبلها ولا تدعها فتكون من الخاسرين.

واعلم ــ وفقك الله للخير ــ الغرور والكبرياء يصرفك عن الدعوة وحب الهداية للناس ، إلى منافسة الأقران، التي تورث التباغض والتشاحن والغيرة كالديوك.

4 ــ الـعـمــــل ... الـعــمــــل : لأنه ثمرة العلم النافع ، فالعلم إذا لم يصحبه عمل، فهو علم بلا ثمرة، فالنصيحة أن يذهب هذا الطالب لشيء أخر له ثمرة كالتجارة ، فثمرتها الربح والمال، فلعلها تكون أنفع له من طلب العلم.

ويدخل في العمل ترك جميع المنكرات ، وفعل جميع الطاعات ، فخذ ورقة وقلم وسجل ما لذ وطاب من الأمثلة : كترك الغيبة والنميمة والكذب....الخ ، وفعل الطاعات كإصلاح ذات البين وكثرة التطوع بالصلاة والزكاة والصيام وقراءة القرآن ...الخ.

5 ــ الــصــــبـــــر : وأعني بالصبر ، الصبر على كل ما يخدم طلبك للعلم، الصبر على شيخك إذا وجدت منه خلقا لا يعجبك .

والصبر على الحفظ إن كان لك وردا وتحافظ عليه .

والصبر على قلة الرزق، إن تسبب انشغالك به قلة الوارد المالي، ولكن إياك إياك أن تتقاعس عن العمل بزعم طلب العلم، إلا إذا كنت في الأصل ميسورا، فلا جناح عليك حينئذ.

6 ــ تــرك المراء ولو كنـت صادقـا : لأن المماراة لا تنشر العلم ، وإنما تنشر البغضاء والشحناء ، وتورث الكبرياء والغرور، وفي المقابل لا بأس بالمناظرات في الحق والمناقشات البناءة كما هو حاصل في الشبكات الإسلامية ؛ لأن في المناظرات والمناقشات إظهار للحق وإبطال للباطل كما لا يخفى، ولكن تنبه جيدا !! عند المناظرات تضعف النيات، فانتبه لذلك ـ أثابك الله ـ .

7 ــ عــدم الاقتصار على علم واحد في بداية الطلب ، والاقتصار على علم (الاختصاص) عند نهاية الطلب : وقولي : (نهاية الطلب) أعني به عند الانتهاء من المرتبة الثالثة (الاحتراف) في طلب العلم؛ لأن طلب العلم مثل الأعداد له بداية وليس له نهاية.
وإنما نصحتك بعدم التخصص في بداية طلب العلم ؛ لأنك في البداية تحتاج لمفاتيح العلوم ، لتسير في درب العلم هاديا مهديا.

8 ــ تـــرك التعــصـب : فوالله ما وجدت مانعا لوصول الحق مثل التعصب ، فمن تعصب لفلان من الناس، أو لجماعة ، أو لمذهب ، أو تيار ، أو شيخ ، أو حاكم ، أو مؤلف ...الخ فاغسل يدك منه، وكبر عليه أربعة ، وادعو الله له بالرحمة فإنه في عداد الأموات، ولن يحيا حتى يدع التعصب إلا للحق، ومثل هذا لا تتعب نفسك في مناقشته ومحاورته، أبالله عليك يمكن مناقشة الأموات؟!!! فهو كذلك والله لا خير فيه قط.

9 ــ اقـتــصد فيـما يروح النـفـوس : مما لا شك فيه أن النفس البشرية جبلت على حب المزاح واللعب أحيانا، وهذه لا أرى بها بأسا، فقد فعله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما هو مشهور ، ولكن ضابط ذلك إذا جاز الفعل شرعا، ولكن محل النصيحة الاقتصاد في ذلك حتى لا يموت القلب .

10 ــ امـسـك عليـك لسـانــك : فطالب العلم معرض للنيل من عرضه ، ومعرض للحوار مع بعض السفهاء أو الجهلة، ومعرض لمشاغبات الأقران والحاسدين، فإن لم يتحلى برابطة جأش، وقوة قلب، استدرج يمينا وشمالا حتى يتلف، كما هو مشاهد في كثير من الأحيان.

هذه بعض النصائح التي تحضرني ألقيت بها بينكم لعلها تجد من يصغي إليها، والله أنا أشد الناس حاجة إليها، فأسأل الله تعالى أن يعيننا على القيام بها، وأن ينفعنا بما علمنا، ويجعله حجة لنا لا علينا. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

تــنــبــيــه هــام لأحـبتـي :

والله هذا جهد المقل ، أحسب أني بذلت طاقتي في ساعتي ، ولا أدعي العصمة ، وإنما كتبتها نصيحة، فإن وجد أحد فيها خيرا فليدعو الله لي بالهداية، ومن وجد غير ذلك فليعذرني فوالله لم أرد جاها ولا مالا إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وقد أصغت معظمها من الذاكرة، والذاكرة كما تعلمون خوانة، أضف لذلك أن خط الكتابة صغير ، ولم يسعفني الوقت لكي أراجعها فأرجو السماح.

محبكم في الله :


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.