الثلاثاء، 29 مارس 2011

الاحـتـســاب عـلـى المـحتـسـبـيـن

الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى ، وعلى آله وصحبه الشرفاء .

وبـــعــــــــد ، فالأصل الذي يتعين على المحتسبين أن يحتسبوا بعلم وبصيرة ؛ لقول الله تعالى : ((
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ )) (يوسف:108) .

قال العلامة الشنقيطي في "أضواء البيان" 1/463 : "فدل على أن الداعي إلى الله لا بد أن يكون على بصيرة ، وهي الدليل الواضح الذي لا لبس في الحق معه ، وينبغي أن تكون دعوته إلى الله بالحكمة ، وحسن الأسلوب ، واللطافة مع إيضاح الحق". اهـ .

قال مقيده "محتسب" : فيجب على المحتسب بعد أن يقدم الإخلاص بين يديه لله تعالى أن يتعلم العلوم الشرعية بشكل عام ، وما يتصدى بالاحتساب عليه بشكل خاص ، ويتفقد حركاته ، وسكناته ، وأقواله وكتاباته ، هل هي منضبطة حقا بالضوابط الشرعية ؟!!.

وهذا يسميه علماء الأخلاق والحسبة "محاسبة النفس" ، وقد صح عن عمر بن الخطاب أنه قال :
"حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا ، وتزينوا للعرض الأكبر". وأولى الناس بمحاسبة أنفسهم هم من تصدوا للاحتساب على الآخرين، أي نحن أعضاء "شبكة الحسبة" .

فانطلاقا من هذا الأصل ، وانطلاقا من كوننا أعضاء "شبكة الحسبة" أسرة واحدة كالجسد الواحد، أحتسب على إخواني بهذه الحسبة التي يعلم الله ما كتبتها إلا ابتغاء لمرضاته، والله على ما أقول وكيل، فآمل أن تتسع الصدور لما أذكره، وما ظهر من حدة فمثله كمثل الجراح يؤلم ليسلم الجسد من الآفات.

أسأل الله بمنه وكرمه أن يجعلنا هداة مهتدين .

هل تعلم أن من أسلوب الكتابة يمكن للآخرين معرفة سن الكاتب ومستواه الثقافي والعلمي؟


قال مقيده "محتسب" : كما قلت سابقا في عدة مشاركات : إن من كتب شيئا فقد استعرض عقله على الناس؛ لأن الكاتب الحقيقي للمشاركات والردود هو العقل ، واليد آلة معبرة عما في داخله.

فانطلاقا من هذه القاعدة ، يمكن للعقلاء عند قراءة المقالات والردود ، والإمعان في أسلوب الكاتب التفرس واستنتاج حقائق مجهولة تقف وراء لوحة المفاتيح.

فبكل سهولة يمكن معرفة متوسط عمر الكاتب ، ومستواه العلمي والثقافي ، بل ومستواه الأخلاقي!!!

وذلك لأن الكتابة كالبصمة تدل دلالة واضحة وظاهرة على صاحبها ، وتكوينه الشخصي والنفسي!!!

تدل على توازن الكاتب ، ورزانته ، ورجحان تفكيره !!.

كما تدل في المقابل على غفلته ، وخفة عقله ، وطيشه !!.

أيضا تدل على كونه طالب علم متمكن ، أو باحث ، أو داعية .

كما تدل في المقابل على سطحيته ، وضعفه العلمي والفكري .

أيضا قل مثل هذا في الأخلاق والأدب !!.

آفـــة تكــرار الحـــــروف عنــد الكتــابــة


بعد الخاطرة السابقة أقول : في الحقيقة عندما دخلت لأول مرة منذ سنوات إلى الشبكة العنكبوتية ، وتصفحي لبعض المنتديات نفرت نفسي من آفة وجدت بعض الكتاب يكاد يطبق عليها !! وهي آفة تكرار الأحرف على شاكلة :

مشكووووووووووووووووووووووور .

وآآآآآآآآآآآممممممممميييييييييييننننننن .

وجزززززززززززززززيت خييييييييييييييرا

إلى آخر هذه النمط العجيب والغريب في الكتابة التي لا نعرفها إلا من خلال كُتّاب الشبكة العنكبوتية ، ولست أدري من صاحب هذه البدعة اللغوية والإملائية ؟!!

وأزعم أنه يمكن التفرس ومعرفة أعمار من يدمنون هذا النمط من الكتابة ـ أعني تكرار الأحرف كما سبقت الإشارة إليه آنفا ـ ، فأعمارهم غالبا دون العشرين.

ومن يتوسط في استعمال هذا الأسلوب ، يغلب على الظن أن عمره بين العشرين والثلاثين .

أما من تعدى الأربعين ، فغالب الظن أن ذلك لا يصدر منه إلا كفلتات اللسان .

أما أصحاب الأقلام الجادة ، والشيوخ ، والدعاة ، فلا أتصور حدوثه منهم مطلقا.

بلا ريب هذا تقسيم اجتهادي مبني على رؤية استقرائية للكُتّاب .

المقصود أن الكتابة بهذه الطريقة ليست لغة عربية بأي حال ، بل هي لغة لقيطة من الشبكة العنكبوتية لا يعرف حسبها ، ولا نسبها.

كما أنها تشوه لغتنا العربية الجميلة التي نزل بها القرآن ، فحولها بعض الأحبة إلى طلاسم ورموز تتعب القارئ ، وتنفر منها النفوس السوية.

وبلا ريب أن ما يشوه اللغة العربية ، بالضرورة سيشوه صفحات المنتديات والشبكة ككل ، لذلك يمكنني بكل سهولة معرفة المنتدى الجاد من المنتدى العبثي بمجرد ملاحظة هذه الآفة على صفحات المنتديات !! فإن كثرت ، فاعلم أنك غالبا في منتدى للمراهقين وصغار السن .

وإن قلت ، أو اختفت ، فاعلم أنك في منتدى جاد يرتاده طلبة العلم ، هذا انطباعي الشخصي لا أعرف إن وافقني عليه أحد أو لا !! فلم أقرأ من تكلم فيه، أو نبه عليه، وفي الجملة هذا مجرد رأي كما سبق وذكرت.

ولكن لكون مقيده "محتسب" تولى مسؤولية هذه الشبكة المباركة، وجب عليه أن يختار لأعضائها ما يراه المنهج الأمثل ، والمكانة الأليق ، فتم منع هذا النمط الغريب من الكتابة كما هو منصوص عليه في قوانين الشبكة ـ لائحة التسجيل ـ، ولعلنا بحمد الله الشبكة الوحيدة في العالم التي ضمنت مثل هذا في لائحة تسجيلها، ثم قامت بعض الشبكات العربية بالاستئذان في اقتباسها.

وبعد التأمل وجدت أننا ولله الحمد والمنة وفقنا في التنبيه على ذلك ؛ لأن إدمان مثل هذا النمط من الكتابة سيفضي بصاحبه إلى الوقوع في المخالفات الشرعية لا محالة!!!.

فآخر ما رأيته في عجائب هذه الكتابة من كتب :

الله واكبررررررررررررررررررررررررررر

اللهمممممممممممممممم آمين

فما رأيكم في هذا ؟!! أليس في ذلك إلحاد في صفات الله ؟!!

بلا ريب أن نية الكاتب جميلة ، فهو لا يقصد ذلك مطلقا ، ولكنه الحماس ، والتقليد من غير روية أو تعقل، فنقع في المخالفات بالاستسهال وتبسيط الأمور.

المقصود أن مثل هذا المنكر يجب الاحتساب عليه ، وتنبيه الغافل منه .

آفـــة نشـر الصـور في ثـنـأيـا التـوقـيـع


قال مقيده "محتسب" : من منا لا يتذكر أنه عندما يراجع دائرة حكومية في أي دولة عربية ، ويذهب لسعادة المدير للتوقيع يجد فوق رأس هذا المسكين صورة لحاكم دولته وهو يبتسم ابتسامة عريضة!!.

ومتى هلك هذا الحاكم أنزلت صورته من على الحائط ، ورفع محلها صورة الحاكم الجديد!!.

هذا النمط (أعني وضع صور العظماء فوق الرؤوس) هو للأسف داء ثقافي غربي فُطمنا ـ للأسف ـ عليه جميعا، وصار من المسلمات في سلوكنا.

حتى آل الأمر بانسحاب هذه الثقافة وتغلغلها بين بعض الجماعات الإسلامية .

أذكر أني زرت منذ زمن بعيد أحد الأصدقاء ممن يتعاطفون مع جماعة الإخوان المسلمين ، فوجدته يعلق صورة الشيخ حسن البنا ـ رحمه الله ـ على الجدار وهو يلبس بدلة وطربوشا، فأنكرت عليه ذلك ، فكان جوابه بأنه إمامه وشيخه ، وأنه علق صورت لأنه يحبه !!.

فأخبرته بأن المحبة يجب أن يعبر عنها بالطرق الشرعية ، والطريقة المشروعة في ذلك أخبرنا عنها الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال :
"إذا أحب الرجل أخاه ، فليخبره أنه يحبه" . رواه الترمذي وغيره بإسناد حسن من حديث معاذ ، وليس بتعليق الصور على الجدران تشبها بالكفار، والحكام الفجار!!.

ولعل أحدهم يقول : وإن كان هذا المحبوب ميتا ، فلا بأس بتعليق صورته من باب التعبير عن المحبة والتعظيم.

والجواب : أن الله تعالى وضح لنا أيضا كيف نعبر عن حبنا لمن مات ، فقال تعالى : ((
وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ )) ماذا علقوا صورهم ؟!! لا وإنما : (( يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ )) (الحشر:10).

فهذه هي الطريقة المشروعة للتعبير عن حب من كان حيا أو ميتا ، أما تعليق الصور ، فهذا لا يعرفه الإسلام على الإطلاق!!!

قال مقيده "محتسب" : ومع ظهور الشبكة العنكبوتية ، تسللت أيضا ـ للأسف ـ ثقافة تعليق صور العظماء والمحبين إلى المنتديات، ولكن انتقلت مع مستلزمات التطور من الجدران إلى التوقيع الشخصي، فمن يتصفح مواقع الروافض ، سيجدهم يذيلون تواقيعهم بالصور المنسوبة لعليّ والحسين ـ رضي الله عنهما ـ، مرورا بصور مراجعهم وآياتهم…الخ.

ومن يتصفح مواقع الصوفية ، يجدهم يذيلون تواقيعهم بصور شيوخهم من الدراويش والبهاليل !!.

وماذا إذا تصفحت المواقع السلفية والجهادية ؟!!

للأسف لم تسلم هي كذلك من هذه الآفة ، فستجد من يحب الشيخ سفر الحوالي ـ سلمه الله ـ ، أدرج صورته في توقيعه الشخصي!!.

ومن أحب المجاهد أسامة بن لادن ـ حفظه الله ـ ، ضمنه في توقيعه الشخصي!!.

ومن أحب المجاهد الزرقاوي ، أو أيمن الظوهري ، والخطاب ، أو المقرن …الخ ضمن صورته في ثنايا توقيعه.

بل لقد احتار أحدهم يعلق صورة فلان ، أو علان في توقيعه؟!!

فتحرج إن علق صورة فلان ، استشعر بتقصيره في تعبيره عن محبة علان !! فما المخرج أيها العقلاء؟!!

اجتهد وخلص إلى إرضاء الجميع ، فرأى الأسلم له أن يعلق صورهم جميعا، فتجد توقيعه يذكرك بألبوم الصور العائلية عند العوام!!!

فلماذا أيها الأحبة لم تسلم مواقعنا من آفة تعليق صور العظماء والأحباب التي تسللت إلينا عبر ثقافة الغرب الكافر؟!! وأكررها بثبات ويقين مرة أخرى : هذه الآفة وردت إلينا من ثقافة الغرب!!!

أعلم أن البعض سيقرأ حسبتي هذه بطريقة مغلوطة ـ والله أعلم بالنوايا ـ ويشهر بمحتسب بأنه يقول ذلك ؛ ليمنع نشر صور الشيخ أسامة والزرقاوي!!.

فالجواب : أني ناصح ومحتسب ، ونصرة الجهاد لا تكون بتعليق الصور والتمائم، ولكن بالعمل الجاد والمخلص.

إن هذا السلوك المنكر تسلل إلينا ـ للأسف الشديد ـ من ثقافة الغرب!! لأننا لا نمعن النظر في سلوكنا وضبطه بالشرع!!!

لأن المحسوس أن حب الشيء يعمى ويصم، فنسوغ لأنفسنا فعل الأشياء المنكرة شرعا بدافع النية الحسنة التي لا تغني من الحق شيئا!!.

لأن الثقافات الموروثة ترسخت في نفوسنا واستحكمت في وجداننا، حتى صارت من المسلمات التي لا يقبل فيها أي نقاش أو احتساب!!.

لأن العاطفة والاندفاع وقلة العلم صارت هي من تسيرنا لا نحن من نسيرها ، فصار بعضنا يزعم الالتزام والتدين ، وهو يتمرد على شرع الله بمخالفته بعاطفته وحبه الأعمى، أو بحماسه ، أو بقلة علمه!!.

فيا أيها الأحبة !! ويا أتباع سلف الأمة !! تميزوا عن غيركم بتمسككم بالدليل ومنهج السلف الصالح وإن خالف من خالفه ، فالأصل في الصور المنع ، سواء بظل أو دون ظل ، وبعيدا عن فلسفة من أطلق القول في إباحة التصوير ؛ لأنه حبس للظل ، واعتقال للخيال!!!

فالقول الراجح في مسألة الصور الفوتغرافية عند جمهور المحققين أنها جائزة عند الضرورة، وأن تصوير العظماء ووضعها فوق الرؤوس لا يليق بأهل المروءة وأصحاب الورع.

ولذلك أدعوكم إلى تخيل التالي :

هب أن أحد الأحبة من المجاهدين أو العلماء أو الدعاة كالشيخ أسامة ، أو الزرقاوي ، أو سفر الحوالي ـ حفظهم الله ـ ، أو خطاب ، أو الشيخ ابن باز ، أو الألباني ـ رحمهم الله ـ … الخ هؤلاء الأعلام الذين لهم هيبة في نفوس الأمة .

هب أن أحدهم تفضل مشكورا وكتب عندنا في "شبكة الحسبة" هل تتخيل أن يكتب بهذا النمط :

مشكوووووووووووووووووور ؟!!

أو يعلق صورة شيخه في ثنايا توقيعه ؟!!

أجيبوني أيها الأحبة ، وسددوني إن أخطأت !!!

فإن قلتم : لا ، لن يفعلوا ذلك !!

فأقول : لماذا ؟!!!

فإن قيل : لأنهم أهل وقار واتزان !!!

فأقول : ولماذا لا نتبعهم في وقارهم واتزانهم !!!.

أترك الجواب للأحبة !!!

آفـــة جديدة ظهرت على ألسنة بعض المحتسبين


بلا ريب أن موقعنا "شبكة الحسبة" يفترض أن يكون قدوة للمواقع الأخرى، قدوة فيما ينشره ، وقدوة في أخلاق أعضائه ، وقدوة في طريقة الحوار والمناقشة، وقدوة في السلوك وانتقاء الألفاظ المناسبة .

ولأجل هذا نعتقد أن الخطأ الصغير في شبكتنا ، يعد كبيرة في غيره، وهذا الذي دفعني إلى الاحتساب على كل مخالفة ألحظ تتابع بعض الأعضاء عليها.

ومن ذلك قول البعض إذا أراد أن ينتقم ، أو يعبر عن مشاعره نحو شخص ما بقوله :
"قـبـح الله وجـهـــك" .

والغريب أن بعضهم لا يرى غضاضة إذا قالها لكافر قياسا على اللعن الذي لهثت به ألسنة البعض ، فصار يلعن كل شيء، ولو أحصينا لعناته لوجدناها أكثر من تسبيحاته، وهؤلاء تعبنا معهم في النصح، ونبهنا على ذلك مرارا وتكرارا، ولكن الله المستعان يتلذذون باللعن، كأنها علكة في أفواههم، ونحن على يقين أن من عود لسانه على لعن الشيطان ، فحتما سيفضي به الأمر إلى لعن عباد الرحمن، فالتقي الورع من حفظ لسانه عن الاسترسال في اللعن بحق ، خشية سقوطه في اللعن بالباطل ، عملا بقاعدة سد الذرائع، والسمو بالأخلاق، فالاقتصاد في هذا الباب من المروءة.

قال السندي في "حاشيته" : "لعن الشيطان وغيره ورد ، فالظاهر أن اللعن على من يستحقه على قلة لا يضر ، فلذلك قيل لم يبعث لعانا بصيغة المبالغة" . اهـ . فتأمل قوله :
(على قلة لا يضر) ، فمفهوم المخالفة أن كثرة لعن الشيطات تضر ، ليس للعن الشيطان في ذاته ، ولكن لتعويد اللسان على شيء ما أبيح إلا بضوابط ، ولمخالفته منهج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فمن تبع سيرة النبي سيعلم أنه لم يكن باللعان. ولكم في رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسوة .

نرجع فنقول : استحلال تقبيح الوجه ولو كان كافرا هو جهل مركب ؛ لأن النهي في الحديث عام لبني الإنسان ، فقد روى الإمام أحمد في "المسند" ، وابن أبي عاصم في "السنة" ، والآجري في "الشريعة" ، والبيهقي في "السنن الكبرى" ، جميعهم عن أبي هريرة بإسناد صحيح مرفوعا :
"لا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ؛ فإن الله تعالى خلق آدم على صورته" . وعلة النهي هنا منصوص عليها بلفظ واضح وصريح على قولين في عودة الضمير هل إلى الله ـ سبحانه ـ ، أو إلى آدم ـ عليه السلام ـ ، والقولان معروفان ، فعلى الأول ، فالحديث من جملة أحاديث الصفات ، وعلى الآخر ، فهو من جملة أحاديث الآداب والأخلاق ، فيكون المعنى أن صورة الوجه المقبح هي على صورة آدم ـ عليه السلام ـ ، وآدم أبو البشر ، فعلى صورته يكون المؤمن والكافر، فالنهي هنا مقيد بصورة وجه الإنسان لا بمعتقده، فإذا تقرر هذا ، فلا يجوز شرعا تقبيح وجه شارون وبوش ـ قاتلهما الله ـ!!!.

ثم يا أيها العاقل!! في بداهة العقول أن ذم الصنعة ، هي ذم للصانع ، فإن عبت بناء المنزل ، فقد عبت في مهندسه ومصممه ومقاوله، وإن عبت السيارة، فقد عبت في الشركة الصانعة لها .. أليس كذلك ؟!!.

وهكذا إن عبت صورة خلق الله ، فقد عبت خالقها .. فتأمل أيها الحبيب .

قال العظيم آبادي في "عون المعبود" : (ولا تقبح الوجه) بتشديد الموحدة ، أي لا تقل : إنه قبيح ، أو لا تقل قبح الله وجهك، أي ذاتك، فلا تنسبه، ولا شيئا من بدنها إلى القبح الذي هو ضد الحسن؛ لأن الله تعالى صور وجهها وجسمها، وأحسن كل شيء خلقه، وذم الصنعة يعود إلى مذمة الصانع" اهـ .

فبوش وشارون وكافة الكفار لا يصح عيب خلقتهم بوجه عام ، ووجوههم بوجه خاص ؛ للعلة التي ورد النهي بخصوصها، ولكن تعاب أفعالهم وعقيدتهم.

فتأمل أخي القارئ الكريم كيف يوقع الحماس والاندفاع بعض الأخوة في مخالفات شرعية ، ويظنون أنهم على شيء ، وهم ليسوا على شيء ، وإنما أوتوا ـ للأسف ـ من قلة العلم!!!.

ومن هنا أهيب وأرجو وأحرض جميع الأعضاء على التعلم ومعرفة العلوم الشرعية ، وعدم الخوض فيما لا يحسن علمه حتى يتعلمه، فأُس المصيبة الاجتراء على شرع الله من غير التسلح بسلاح التمكن العلمي.

أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يهدينا ويهدي بنا ، ويصلحنا ويصلح بنا، ويجعل شبكتنا "شبكة الحسبة" ، وأعضاءنا "المحتسبين" قدوة للآخرين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا وحبينا وقدوتنا، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. 
كتبه : محتسب ـ أبو مصعب في 2/6/1426هـ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.