الثلاثاء، 24 مايو 2011

فــقــه الســـكــوت



الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام على سيد المجاهدين ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

أما بعد ، فرضي الله عن أبي الدرداء يوم قال : "لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين : مُنصف واع ، أو مُتكلم عالم" .

قلت : أما اجتماع الإنصاف مع الوعي ، فعزيز في هذا الزمان ، وأما الكلام مع العلم ، فقد ولى زمانه والله المستعان ، خاصة بعد ما أسند الأمر لغير أهله !! .

فقد صار الكلام للكلام ، ولإظهار البيان .

فرحم الله الشاعر حيث قال :
استر العِيَّ ما استطعت بصمت ******إن في الصمت راحة للصَّمُوتِ

واجعل الصمت إن عييت جوابا ******رُبّ قول جوابه في السكوت

فمن يتأمل ما يطرح هنا وهناك عبر وسائل الإعلام المختلفة ، من صحف ومجلات وقنوات ، وما يصدر عن بعض العلماء والدعاة ، وما يسطره بعض الكُتّاب في المنتديات يجد أننا في حاجة ماسة لتعلم "فقه الصمت والسكوت" كحاجتنا لفقه المنطق والبيان .

وكما قيل : العافية عشرة أجزاء ، تسعة منها في السكوت .

ولست أعني بمقالي هذا الحث على السكوت من باب حفظ اللسان عن فضول الكلام طلبا لرضى الرحمن ؛ لأن هذا مبحث شرعي لا يخفى عن العامة والخاصة ، ولكن ما نحن بصدده هو تنبيه أصحاب الأقلام والفتاوى السياسية من خطر الانزلاق في فخ أعدّه أعداء الله من الكفار والمنافقين بغية الوقيعة بين أبناء الأمة ، وإشغالهم بأنفسهم بإلقاء شبهات شرعية وعقلية وسياسية في مسلمات يعم بها البلاء .

فالكلام بغير وعي أو علم بصورة عامة سواء في الشرع أو السياسة غالبا ما يؤول إلى فتنة دهيماء ، تزرع الشقاق والفرقة بين المسلمين ، ويستثمرها أعداء الصحوة والدين .

وأعني بالوعي والعلم هنا هو الوعي والعلم الشامل ، الجامع لعلم الشرع والسياسة والاقتصاد وفقه الواقع .

فلا يصح الخوض في مسائل سياسية كبيرة دون الإلمام بالعلم الشرعي المبني على الكتاب والسنة الصحيحة ، والعلم الراسخ بحقائق وخفايا الأمور ، ومعرفة كيف يفكر المتربصون بالأمة ، واستشراف المستقبل .

لذلك نحن ننتقد بشدة الفتوى والحسبة في المسائل المتعلقة بالسياسة عندما تصدر من عالم أو طالب علم غير ملم بحقيقة ما يدور وراء الكواليس ، فمن شروط الفتوى والحسبة : العلم والمعرفة ، والمقصود بالعلم والمعرفة هنا الإحاطة الكاملة بالموضوع المستفتى فيه من جميع جوانبه .

ومما يؤكد حاجتنا الملحة لفقه السكوت أحيانا ما سمعته منذ فترة من الأخ الأردني المعتقل السابق في جوانتانامو "وسام عبد الرحمن" في مقابلة خاصة مع "قناة الجزيرة" ، فقد صرح بأن سجانيه عباد الصليب الأمريكان عرضوا عليه طائفة من فتاوى بعض أهل العلم المشهورين ، وقالوا له : هذه فتاوى مشايخكم التي يجب عليكم الالتزام بها !!!

فقد هالني هذا الأمر ، وذكرني بما قاله عبد الله بن حسن لابنه وهو ينصحه : "يا بني احذر الجاهل ، وإن كان لك ناصحا ، كما تحذر العاقل إذا كان لك عدوا ؛ فيوشك الجاهل أن يورّطك بمشورته في بعض اغترارك ، فيسبق إليك مكر العاقل" .

فبعض المشايخ وطلبة العلم والمحتسبين يقدمون خدمات مجانية لأعداء الله في قالب نصح الأمة وبيان الحكم الشرعي !!.
متى يتعين فقه السكوت ؟


لقد قيل قديما : "إن من المسائل مسائل جوابها السكوت" .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ أسكنه الله فسيح جناته ـ : "سكت الشارع في أول الأمر عن الأمر بأشياء والنهي عن أشياء ؛ حتى علا الإسلام وظهر ، فالعالم في البيان والبلاغ كذلك ، قد يؤخر البيان والبلاغ لأشياء إلى وقت التمكن" .

قلتُ : فإذا كان هذا في حق ما يشرع بيانه ، فكيف بغيره مما التبس أمره ، وكثر لغطه ؟!!!

المقصود أنه يتعين "فقه السكوت" في حالات كثيرة ، ومنها :

أولا ـ إذا وقع الاشتباه في الدليل :

فمن المقرر في الأحكام الفقهية أنه متى وقع الاشتباه ، وجب التوقف ، والاشتباه تارة يرجع للدليل ، وتارة إلى مناط الدليل .

أما الاشتباه في الأدلة والبراهين الشرعية ، كوقوع تعارض بين الأدلة الشرعية المتساوية في القوة ، ولا مرجح لأحدهما على الآخر ، فهنا يجب إعمال "فقه السكوت" ، بالتوقف في الحكم .

وفي الجملة هذا بحثه يرجع لأهل العلم والتخصص من الفقهاء والعلماء .

ثانيا ـ إذا وقع الاشتباه في مناط الدليل :

وأما الاشتباه في مناط الدليل ، فهذا للمكلفين .

فتحريم أكل الميتة ، ومشروعية أكل المذكية لا يحتاج لبحث وتقصي ، فهذا من المعلوم بالضرورة عند جميع المسلمين .

ولكن إذا اختلطت الميتة بالذكية وقع الاشتباه في المشروع أكلها ، وهنا وجب التوقف . وهكذا الأمر في جميع المسائل التي يقع الاشتباه في مناط الدليل وجب التوقف حتى يتبين الأمر بيقين .

ومن يتأمل الموضوعات السياسية ، والأخبار الإعلامية يجدها من أكثر الأمور التي يقع فيها الاشتباه ؛ لأمور كثيرة ، منها :

1 ـ ما يعتريها من ضبابية وعدم وضوح .

2 ـ تلازمها مع المصالح وجودا وعدما ، فالسياسة تبحث عن الهيمنة والتسلط ، والإعلام يبحث عن المكاسب المادية والسبق الصحفي .

3 ـ وجود أيد خفية مجهولة الهوية تحركها من وراء الكواليس ؛ لتحقيق أهدافها ومصالحها .

4 ـ التعامل بأسلوب الغير أخلاقي ، كالنفاق والكذب والدجل ، والمايكفلية النفعية ..الخ ، فهذه هي آليات التعاطي مع السياسة والإعلام .

فجُل أصحاب السياسة يقولون الشيء في الظاهر ، ويقومون بخلافه في الباطن .

وأما انعدام مصداقية أصحاب الإعلام ، ونواياهم الخبيثة ، فحدث ولا حرج ، فلا أظن أن عاقلا يثق فيهم وفي أخبارهم إلا ما رحم الله ، وقليل ما هم !!.

ثالثا ـ في المسائل الاجتهادية ، وخاصة تلك التي بنقضها ترجع سلبا على المجاهدين :

فكلنا يعلم أن الدنيا كلها تتربص بالمجاهدين ، من صليبيين ، وصهاينة ، وعلمانيين ، ومنافقين ، وحكام عملاء ، وجيوش جرارة من مرتزقة المباحث والمخابرات ...الخ ، كل هؤلاء مع ما لديهم من إمكانيات ضخمة (سياسية ، وعسكرية ، ومالية ، وإعلامية) ، جميعهم يرمون المجاهدين عن قوس واحد ، ومع هذا كله فشلوا فشلا ذريعا من النيل من المجاهدين ، فأوحت إليهم شياطينهم بالتحريش بين المجاهدين وإخوانهم المناصرين ، وذلك باستغلال الفرص لزرع الشقاق ببث الشبهات وإثارة الخلاف . كالبحث في حكم ذبح الأسرى ، والتمثيل بجثث الكفار ، وأخذ الفدية ، وقتل النساء والأطفال أثناء المواجهات …الخ.

كذلك البحث في نتائج المقاومة مع الأمريكان كالتدهور الأمني والاقتصادي ، وتخريب أنابيب البترول...الخ .

فهذه شبهات تثار بين الفينة والأخرى للتشكيك في مصداقية العمل الجهادي في العراق وأفغانستان والشيشان !! .

ونحن على يقين أن العدو زرع جماعات مشبوهة ترفع شعارات جهادية وهي في حقيقة الأمر مندسة بين المجاهدين لتشويه صورتهم ؛ حتى ينفض الناس من حولهم ، كما حدث في الجزائر .

ولكن لكوننا لا نستطيع تميزهم ، أو معرفة ماهيتهم ، أرى قطع الطريق على هؤلاء بالتعويل على اجتهاد المجاهدين ؛ لأن الرأي الصائب هو ما يرونه ويرجحونه ، ولأنهم الأعلم بمتعلق الفتوى .

كما يجب علينا الالتزام بـ "فقه السكوت" في مواطن الريب ، وما نجهل ماهيته .

رابعا ـ إذا غلب على الظن استغلال العدو للكلام :
أنت من الصمت آمن الزّلل ******ومن كثير الكلام في وجـل

لا تـقل القـول ثم تتبعه ******يا ليت ما كنت قلت لم أقل

فمتى غلب على الظن استغلال العدو للكلام أو الفتوى ؛ لتحقيق أهداف المشبوهة ، وجب أعمال "فقه السكوت" ، حتى ولو كان ذلك في بيان حكم شرعي ، فقد تقدم كلام ابن تيمية : "فالعالم في البيان والبلاغ كذلك ، قد يؤخر البيان والبلاغ لأشياء إلى وقت التمكن". ومن ذلك خشية أن يوظفه العدو لصالحه.

فقد خشي أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ على نفسه فأمسك عن البلاغ كما قال : "حفظت من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعاءين ، فأما أحدهما فبثثته ، وأما الآخر ، فلو بثثته قطع هذا البلعوم" رواه البخاري وغيره .

فإذا جاز ذلك من أجل الحفاظ على روح واحدة ، فكيف بالأمة بأكملها ؟! .

فمتى جر الحكم على الشيء تبعات أخرى تصب في مصلحة أعداء الأمة ، وتحقق أهدافهم ، لزم الإمساك عن الكلام والخوض في الموضوع .

لذلك يتعين على من يتناول الأمور السياسية خاصة من الجانب الشرعي التأني في الحكم على الأشياء حتى تتضح الأمور ، وتزول الضبابية ، وتنكشف النيات ، ويتأمل في عواقب ما يخوض فيه ، ويأخذ في حسبانه صدى وتبعات ذلك ، ولا ينظر للأمور بنظرة آنية لا تتجاوز حدود مقالته ومنتداه ، فهناك جيش من المراقبين والمتابعين والراصدين لما يقال ، ويوظف أحسن توظيف لخدمة أهداف مشبوهة لم تخطر على بال هذا الشيخ أو الكاتب .

ورحم الله سفيان الثوري القائل : "أعلم الناس بالفتيا أسكتهم عنها ، وأجهلهم بها أنطقهم فيها" .
نماذج لوقائع تفتقر لـ "فقه السكوت"


من المقرر أن زلة العالم ليست كزلة من سواه ، لذلك قال "معاذ" عندما حضرته الوفاة : "اتقوا زلة العالم، خذوا الحق ممن جاء به ، وردوا الباطل على من جاء به كائنا ما كان" .

وصدق في ذلك ، فزلة العالم زلة العالم ؛ لأن بزلته يزل عالم بأكمله !!.

وروى ابن المبارك في الزهد عن عبد الله بن جعفر أنه قال : قيل لعيسى ـ عليه السلام ـ : يا روح الله ، وكلمته ! من أشد على الناس فتنة ؟ قال : زلة عالم .

قال محتسب : ويقاس على العالم في هذا الباب كل طالب علم مجتهد ، أو كاتب بارز ، فجميع هؤلاء زلاتهم ليست كزلة من سواهم من عوام المسلمين ، ومن تجنب الخَبَار أمن العِثار .

ومن الأمثلة القريبة التي تبين حاجة البعض لـ "فقه السكوت" ، ما أعلنه شيخ الأزهر في مصر "الطنطاوي" منذ فترة بأن من حق الحكومة الفرنسية استصدار ما تشاء من قوانين لمنع الحجاب الشرعي في المدارس الحكومية ، وقد علل ذلك ـ عامله الله بعدله ـ بأن النظام السياسي للدولة الفرنسية علماني ، وإذا كان كذلك فمن حقها سن ما تشاء من القوانين التي تتوافق مع نظامها .

وفات هذا الجهبذ بأن ما بني على باطل ، فهو باطل ، فما بني على العلمانية الجاحدة لشرع الله ، فهو باطل شرعا ، والواجب على المشايخ هو بيان المشروع لا التماس الأعذار العقلية لمن يحارب دين الله .

ثم لو سلمنا جدلا بصحة تعليل أن فرنسا حرة في قوانينها ، فهل تأمل الشيخ في عواقب تأييده لها ؟ فها قد شرعت عدّة دول أوربية بالسير على درب فرنسا بسن قوانين تمنع الحجاب !! وسوف تنتقل هذه العدوى الخبيثة والتي باركها شيخ الأزهر إلى عامة دول العالم التي تقطنها أقليات مسلمة ، ومن ثم ستنسحب مع الوقت على الدول المسلمة إن لم تكن انسحبت أصلا كما في تونس وتركيا!!

ثم هل هو مجبر على تبرير موقف فرنسا وإدخال الأقليات المسلمة في متاهات ؟!!.

ألم يسع شيخ الأزهر "فقه السكوت" وطلب السلامة ، بعدم المشاركة في هدم شعائر الله ، ويكفي المسلمين شره ، أم كتب على هذه الأمة أن تذل وتهان بمباركة علماء السلاطين .

أيضا من النماذج العجيبة والغريبة ما نقل عن أحد شيوخ قناة الدعارة والفسق والفجور (الأم بي سي) من عدم جواز الخروج على حكام العراق الرافضي "إياد علاوي" ، والعميل "غازي الياور" ، وأن طاعتهما واجبة!!!.

وزعم ـ عامله الله بعدله ـ بأن الجهاد في العراق وأفغانستان لا يجوز مطلقا !!! لأن جهاد الدفع يشترط له إذن الإمام ، والإمام في العراق "إياد علاوي" ، وفي أفغانستان "كرزاي" لم يأذنا بذلك ، بل يعاقبان من يخالف ذلك .

وفي ظني أن أمثال فتاوى هذا الرجل هي التي يحتج بها عباد الصليب الأمريكان في سجن أبو غريب وجوانتانامو وبغرام على المجاهدين ، والتي أشار إلى بعضها الأخ الأردني "وسام عبد الرحمن" .

وتأمل كيف توافقت والتقت دعوة هذا الشيخ مع منهج القناة المشبوهة (الأم بي سي) مع مصلحة عباد الصليب الأمريكان وأذنابهم العملاء والحكام !!! توافقا عجيبا وغريبا .

ومثل هذه الفتاوى كانت تصدر في القرن الماضي من أقطاب الصوفية وأرباب الزوايا لمنع الجهاد ضد المستحمرين للشعوب العربية ، لذلك كان هؤلاء أقرب الناس للمستعمر ، فما أشبه اليوم بالبارحة.

فلو تعلم هؤلاء العلماء والدعاة ومن يقلدهم فقه الصمت والسكوت ، والكياسة والفطنة كما تعلموا فقه الكلام ، لنصر الله بهم الإسلام وجعلهم شوكة في حلوق اللئام ، ولكن تبا لقلة العقل والجهل.

فما أحوج المشايخ والعلماء والدعاة وكتاب الصحف والمنتديات تأمل قول أبي الدراء الذي ذكر في صدر المقال : "لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين : مُنصف واع ، أو مُتكلم عالم" .

فالكلام يجب أن يكون بوعي وإدراك ، وإلا فـ "فقه السكوت" واجب .

لقد طالعتنا آخر الأخبار بهرولة نحو 300 عالم وداعية إلى مدينة الضباب "لندن" لتأسيس جمعية لعلماء المسلمين تحت شعار (محاربة التطرف والإرهاب)!! .

فاختزل السادة العلماء مشاكل الأمة في (محاربة التطرف والإرهاب) و(الغلو في الدين) !! وتناسى هؤلاء الأفاضل أن الأمة تعاني من ضعف الدين وليس الغلو ، ألا ينظرون للزنا المستباح على قارعة الطريق في البلاد الإسلامية ؟!!

ألا ينظرون لتفشي المنكرات في وسائل الإعلام المختلفة ، من أفلام فاضحة ، ومسلسلات عاهرة ، وفديو كليب ماجن ؟!

فتأمل إلى أي مبلغ وصلت كياسة هؤلاء الأفاضل العلماء !! .

الصهاينة يسفكون دماء الشعب الفلسطيني المجاهد ليلا ونهارا تحت شعار (محاربة التطرف والإرهاب) !!.

والأمريكان دمروا دولة أفغانستان والعراق ، وأطاحوا بنظم وحكومات تحت شعار (محاربة التطرف والإرهاب) !!

والنظم المستبدة والظالمة تعتقل الآلاف من الصالحين الأبرياء ، وتحكم على بعضهم بالإعدام تحت شعار (محاربة التطرف والإرهاب) !!

والأمريكان اغتصبوا العفيفات الشريفات ، ولاطوا بالأنقياء الأتقياء في معتقل أبو غريب وجونتاناموا تحت شعار (محاربة التطرف والإرهاب) .

ثم نجد 300 عالم مسلم يجتمعون تحت شعار (محاربة التطرف والإرهاب) .

وآخر ـ عامله الله بعدله ـ يتضامن مع قناة الفسق والمجون ويخصص لنفسه برنامجا أسبوعيا تحت شعار (محاربة التطرف والإرهاب) .

ورحم الله عبد الله بن المبارك حيث قال :

إن البُصراء لا يأمنون من أربع :

ذنب قد مضى لا يدري ما يصنع فيه الرب ـ عز وجل ـ .

وعمرٍ قد بقي لا يدرى ما فيه من الهلكة .

وفضلٍ قد أعطي العبد ، لعله مكرٌ واستدراج .

وضلالة قد زُينت ، يراها هدى .

وزيغ قلب ساعة ، فقد يسلب المرء دينه ولا يشعر .
والله المستعان .
فقه السكوت بين الغفلة والتغافل


الغفلة صفة دميمة تتنافى مع العلم والبصيرة ، وهي مستلزمة للجهل والحمق ، وصحابها مغفل ومستغفل ، مغيّب عن فهم الحقيقة والواقع ، فحرمه الله من البصيرة والوعي .

والتغافل صفة محمودة تتنافى مع الجهل والحمق ، وهي مستلزمة للعلم والتيقظ ، وصاحبها كيس فطن ، يضع الغفلة في موضعها المناسب ، فأكرمه الله بالحكمة والنظرة الثاقبة .

وفقه السكوت هو استعمال التغافل متى كان ذلك أنفع وأنجع ، فيضع الغفلة في موضعها الذي يذم فيه البحث والتقصي والتغافل ، فهما للحقيقة ، ووعيا بالواقع .

وأخيرا ، نصيحة محب ، متى وجد المرء في قوله بعض الحق ، ولكنه يفضي إلى نصرة أهل الباطل ، ففقه السكوت لازم .

نسأل الله تعالى أن ينصر المسلمين في كل مكان .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.